بغداد – حسين الذكر
قبل الخوض في من يقود ويمول الرياضة وما هي أهدافها وسبل الرقي فيها، من نافل القول أنها لم تعد تتقوقع على ذات الأهداف الرنانة التي رفعت وعممت حد الحفظ على ظهر الغيب منذ عقود من قبيل الترفيه والصحة والشباب والتثقيف وتحقيق الإنجاز الدولي، وغير ذلك مما كنا نردده ونكتبه، ولا ندعي سلبية ذلك، إذ أن الملف الرياضي حقق طفرة على صعيد العمران والبيئة والمنشآت وكذا ثقافة الإنسان في بعض الدول العربية.
ما نتحدث عنه امس لا يخدم ولا يتناسب مع عالم اليوم، فعصر العولمة والتسابق بملفاتها فرض أمراً جديداً تجاوز الأهداف السابقة، بل تعدى مفهوم الدبلوماسية الناعمة.
واقع رياضتنا العربية التي برغم ما اغدق عليها من أموال طائلة لم يحسن توظيفها بما يصب بمصالح الوطن العليا إلا على مستوى محدود جدا، فأغلب الأندية والاتحادات تمول أما حكوميا من ميزانية الدولة وبشكل محدود لا يرتق الى مصاف ما بلغته، وما يراد من الرياضة الاحترافية بأهدافها ومسيرتها الاستراتيجية، أو تمول ذاتيا بصورة هزيلة عن طريق ما يسمى النادي الاجتماعي والاشتراكات التي لا تُسمن ولا تقوم ولا تنجز، وبعضها وفي ظل الأوضاع العصيبة التي تعيشها الدول يكون التمويل المشترك بين الذاتية ودعم الدولة المحدود، وهو أيضا لا يؤدي الى ما نريد، في بعض النماذج الخليجية نجحت نجاح باهر مثل “قطر والسعودية والإمارات” وكان الدعم مفتوحاً من قبل الدولة أو الشيوخ، أو العاملين والمتنفذين في المؤسسات، وقد حقق نسب ما من الأهداف المطلوبة في العمران البيئوي وبناء الملاعب والمدن التي تحولت الى سياحية رائعة بتقنيات عالية الجودة ودقة التنفيذ، إلا أنها ظلت تشكو غياب التطور الفني لأسباب عدة اغلبها تتعلق بان المستفيد الأكبر من المردود المالي هو الآخر غير الوطني، فالاعتماد الكلي على “المهندس والمصمم والمنفذ والمدرب والخبير واللاعب والمستشار والمخطط والاستراتيجي والإعلامي – اغلبه – ليس من أبناء الوطن” مما ابقى المستوى الفني على ما هو عليه، بل ارتكس في بعض الدول بعدما حققت طفرات متميزة سابقة.
الحل للرياضة العربية لا يكمن في التمويل فقط، إذ أن المال ليس وحده الهدف فضلا عن إمكانية توفيره بأحلك الظروف من الدولة أو الرعايات والاستثمار والتعاون والاشتراك وأبواب كثيرة، لكن العقلية الفلسفية القائدة والموجهة للمؤسسة الرياضية هي من تقف حجر عثرة في نماذج عديدة وأن لم يكن ذلك بتقصد، فالرياضة العربية تتمتع بالموارد البشرية والطاقات الفنية وقاعدة عريضة من المواهب الخلاقة.
كي ننهض ونؤسس لرياضة متطورة، ينبغي أن نؤسس لفلسفة واقعية متطورة برؤية جديدة تتناسب مع روح العصر، وان يكون المفكر الواعي متنوع الثقافات، والرياضي الميداني هو المحور، وان تتكاتف معه طاقات خلاقة أخرى لتشكيل فرق عمل فعالة بدعم ورعاية الدولة ووفقا لتوجهاتها لإعادة الصياغات ورسم الأهداف .