وزير الرياضة محمد الحامض: المحاسبة ستكون حاضرة في الرياضة، ونسعى لإيجاد بيئة استثمارية جاذبة

 

ورثنا تركة ثقيلة من النظام البائد ونعمل على إطلاق رؤية استراتيجية متدرجة

نتطلع لرياضة نوعية تعتمد على الكفاءات

نستهدف تحرير الأندية من الفساد والمحسوبيات ضمن إطار قانوني وتنظيمي جديد

 

 

حوار: بسام جميدة

 

في أول حوار صحفي لوزير الرياضة والشباب في سوريا محمد الحامض أكد على ثوابت كثيرة من أجل تطوير الرياضة السورية والإنتقال بها إلى مستويات أفضل، وعلى ضرورة المحاسبة وتأهيل الكوادر وتأهيل البنى التحتية وتفعيل ملف الاستثمار بما يؤدي الغرض.

الحوار كاملا نضعه بين أيديكم، تابعونا:

* في البداية نبارك لكم ولكل  الرياضيين  وجود وزارة للرياضة والشباب

نشكر لكم تهنئتكم ومباركتكم بإحداث وزارة الرياضة والشباب، فهذا الإنجاز ليس فقط خطوة إدارية بل هو تتويج لتطلعات الرياضيين والإعلاميين وكل أبناء الشعب السوري نحو واقع رياضي جديد يليق بتضحياتهم وصمودهم.

حلم وتحقق كيف لنا كرياضيين وإعلام أن نراه يتجسد على ارض الواقع، وماذا أنتم فاعلون تجاه التركة الثقيلة التي كانت موجودة في عهد النظام البائد؟

يأتي استحداث وزارة الرياضة والشباب استجابةً لمطلب جماهيري وطني طال انتظاره، وحاجة ملحة فرضها الواقع. فاليوم لم تعد الرياضة مجرد ترف أو نشاط ترفيهي، بل أضحت ركيزة أساسية من ركائز التنمية الشاملة، بما تحمله من أبعاد اقتصادية، اجتماعية، وثقافية، فضلاً عن حضورها السياسي المتنامي.

ندرك تماماً حجم التحدي، فقد ورثنا تركة ثقيلة من النظام البائد، تمثلت في بنى تحتية متهالكة، مؤسسات مترهلة إدارياً، وكمّ هائل من العقود الاستثمارية طويلة الأمد والمجحفة، فضلاً عن مديونية كبيرة، وحظر خارجي على النشاط الرياضي في سوريا.

لكن هذا الواقع لا يُطرح بغرض التبرير أو التهرب، بل لتوضيح معالم الطريق، وإبراز طبيعة المهمة الوطنية التي تقع على عاتقنا. وبناءً على ذلك نعمل على إعادة هيكلة الوزارة بما ينسجم مع متطلبات المرحلة، وإطلاق رؤية استراتيجية متدرجة تعطي الأولوية لاستصلاح المنشآت، توسيع قاعدة الاستثمار، إعادة بناء المنظومة القانونية، وترسيخ ثقافة رياضية وطنية تُعلي المصلحة العامة وروح التنافس الشريف، بدءاً من المدارس وانتهاءً بالمحافل الدولية.

في العهد البائد كانت الرياضة ومنظمة الاتحاد الرياضي واحدة من أكثر بؤر الفساد في البلد، وبحماية القانون كمنظمة حيث تشرعن الفساد و لايوجد محاسبة لاي شخص، ولا على الفشل أو إهدار المال العام وغيرها من المفاسد كونها منظمة شعبية، هل سنرى محاسبة في الوزارة…؟

المحاسبة ليست خياراً تجميلياً، بل ركيزة من ركائز العدالة الانتقالية التي تمهد لقيام سوريا الجديدة، الخالية من الفساد والإقصاء والتهميش. ولن يكون هناك إصلاح حقيقي دون محاسبة حقيقية لكل من تورّط في منظومة الفساد السابقة، وساهم في إقصاء الكفاءات، أو شارك في تهميش الرياضة وتحويلها إلى مساحة لتكريس الولاء بدلاً من التنافس.

لكن هذه المحاسبة لن تكون عبثية أو انتقامية. سنعمل ضمن إطار قانوني منضبط، يميّز بين الإدانة المبنية على أدلة، والشائعات أو الظنون، فغايتنا تحقيق العدالة لا تصفية الحسابات. وهذا واجب وطني وأخلاقي تجاه الشعب السوري الذي دفع ثمناً باهظاً على مدار سنوات لنيل حريته وكرامته.

*لم يتم الإعلان عن الرؤية والاستراتيجية التي تطمحون السير عليها كي تتوضح خارطة طريق الإصلاح للرياضة السورية متى يتم الإعلان عنها..؟

نحن نؤمن أن أي مشروع وطني لا يكتسب مصداقيته إلا إذا اقترن بخطة واضحة، أهداف قابلة للقياس، وإطار زمني محدد. ومن هذا المنطلق، نحن على مشارف الإعلان عن خطط استراتيجية متكاملة تشمل مجالات المنشآت، الاستثمار، الاتحادات، الأندية، والإعلام الرياضي.

ونؤكد أن الهيكلية الجديدة للوزارة – التي وصلت إلى مراحلها النهائية – ستكون حجر الأساس في هذه الرؤية، وستُعلن الخطط تباعاً بما يضمن إشراك الجمهور الرياضي في المتابعة والتقييم والمساءلة. ويمكن القول إن النصف الثاني من عام 2025 سيشهد بدء تبلور نتائج العمل الحقيقي على الأرض.

هل سيكون لدينا رياضة نوعية وتنافس خارجيا بعد أن تخبطت لعقود مابين الرياضة الجماهيرية والشعارات الاشتراكية الزائفة؟

هدفنا الاستراتيجي هو الارتقاء بالرياضة السورية إلى مستوى تنافسي يليق بطموحات وتضحيات السوريين. فالرياضي السوري الذي قاوم الاستبداد وواجه أصعب الظروف، يستحق أن يُمثَّل خير تمثيل على الساحات الإقليمية والدولية، من خلال منتخبات نوعية وكوادر قادرة على تحقيق الإنجازات لا الشعارات.

المرحلة القادمة هي مرحلة البناء الحقيقي لرياضة قادرة على المنافسة لا التزيين، قائمة على العمل والمؤسسات والكفاءة، لا على الشعارات والتعبئة الشكلية التي تقصي الرياضيين القادرين على تمثيل الوطن خير تمثيل

* هل ستمنحون الاتحادات والأندية الاستقلالية المالية..؟

بطبيعة الحال، هذا هو جوهر المرحلة القادمة من عملنا. نحن نؤمن أن الاتحادات والأندية لا يمكن أن تنهض بوظيفتها التنافسية والتمثيلية إلا إذا مُنحت المساحة الكافية لتوسيع استثماراتها، وتفعيل نشاطاتها، والمشاركة في البطولات والمنتديات العربية والدولية بمرونة وسرعة واستقلالية.

ومن هنا، تسعى الوزارة إلى تحرير الأندية والاتحادات من القيود الإدارية والمالية التي عطّلت طاقاتها لسنوات، ودفعتها إلى العمل ضمن غرف مغلقة ومحصورة بقرارات أشخاص افتقدوا الرؤية الاستراتيجية، وتغلبت لديهم الأجندات الشخصية على المصلحة الوطنية.

ونحن اليوم في صلب عملية إعادة هيكلة الاتحادات الرياضية من خلال إجراء انتخابات جديدة قائمة على الشفافية والتمثيل الحقيقي، وقد بدأت هذه العملية فعلياً من اتحاد كرة اليد، حيث جرت الانتخابات في أجواء مثالية تعكس الروح الرياضية والمسار المؤسساتي الذي نسعى إلى ترسيخه. هذه الخطوة ليست فقط إدارية، بل تعبّر عن رغبتنا في تأسيس بيئة رياضية متماسكة ومستقلة، وقادرة على اتخاذ القرار بحرية وكفاءة.

كانت الاندية تعيش على اكتاف الداعمين الذين يرون في الرياضة وسيلة لغسيل الأموال وتبييض الوجوه والصفحات، هل سنتخلص من هذه المسالة وتصبح الأندية كيانات مستقلة وتعود لها هيبتها الرياضية والاجتماعية والثقافية؟ 

الأندية هي المنبع الأساسي للمنتخبات الوطنية، وهي الحاضنة الأولى لكل المواهب، والركيزة التي يُبنى عليها أي نشاط رياضي منظم ومستدام. ولذلك، فإن رؤيتنا تنطلق من ضرورة أن تعود الأندية إلى دورها الحقيقي كصروح رياضية متكاملة، قائمة على مرتكزات واضحة، تحقق أهدافاً رياضية، وتنموية، وثقافية، واجتماعية.

لقد آن الأوان لتتحرر الأندية من صورتها السابقة كمجرد واجهات للفساد والمحسوبيات، وكأدوات بيد أفراد وجماعات تسعى لتحقيق منافع شخصية على حساب الرياضة الوطنية. نحن نعمل على تعديل البيئة القانونية والتنظيمية التي كبّلت الأندية لسنوات، ونسعى لإعادة هيبتها ومكانتها كمساحات إنتاج رياضي حقيقي.

هل في نيتكم خصخصة قطاع الرياضة أو تخصيص الأندية بألعاب معينة؟

التوجه اليوم هو نحو إشراك القطاع الخاص في الرياضة من خلال نماذج حوكمة مرنة ومدروسة، وليس بيع الرياضة أو تحويلها إلى سلعة. ونحن ندرك تماماً أن الخصخصة هي مسار حساس يتطلب نظاماً منضبطاً ودقيقاً حتى لا يخرج عن إطاره الصحيح، ولذلك نحن حالياً في طور دراسة معمقة لعدد من التجارب الناجحة في دول سبقتنا في هذا المجال، بهدف الاستفادة منها وتطبيق ما يتناسب منها مع خصوصية الواقع السوري وظروفه الاقتصادية والإدارية والاجتماعية.

كما أننا لا نتبنى فكرة تخصيص الأندية بألعاب محددة، بل نحرص على أن تبقى الأندية شمولية تُعنى بكافة الرياضات، وأن يكون دعم الرياضات المختلفة هو الأساس في أي عملية تطوير أو خصخصة، حتى لا تطغى غاية الربح على الرسالة الرياضية والاجتماعية للأندية.

الاستثمار في الرياضة وملف الاستثمار موضوع شائك جدا وكان محل جدل  لا احد يقترب منه، ماذا انتم فاعلون تجاه منشآتنا الرياضية المستثمرة بعقود هزيلة جدا؛ وكيف يمكن ان تكون الرياضة السورية تمول نفسها و مصدرا للمال وتمول الخزينة حيث باتت صناعة وتجارة وسياسة ايضا ؟

ندرك تمامًا أهمية ملف الاستثمار في الرياضة، وهو بالفعل من الملفات الحساسة التي تتطلب إدارة حذرة وشفافة تضمن تحقيق أقصى استفادة ممكنة للرياضة السورية.

المنشآت الرياضية التي استُثمرت بعقود قديمة هزيلة لا تلبي الطموحات، ونحن بصدد مراجعة هذه العقود بدقة لتقييم واقعها والعمل على تعديلها أو إعادة طرحها بشكل يضمن مصلحة الرياضة والبلد بشكل عام. ومن الجدير بالذكر أن العديد من الاستثمارات دخلت حيز التنفيذ بعد هذه المراجعة، وستظهر نتائجها الإيجابية في المدى القريب.

نسعى لأن تتحول المنشآت الرياضية إلى مراكز جذب استثماري حقيقي يُمكّن الأندية والاتحادات من تأمين موارد مالية مستدامة، ويجعل الرياضة صناعة متطورة قادرة على تمويل نفسها ودعم خزينة الدولة.

وسيتم ذلك عبر:

إعادة هيكلة ملفات الاستثمار لتكون واضحة وشفافة.

وفتح المجال أمام المستثمرين الجادين من القطاع الخاص مع وضع ضوابط قانونية صارمة.

وتطوير البنية التحتية بشكل يجذب استثمارات نوعية.

دمج الاستثمار الرياضي مع برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تدعم الشباب والرياضة المجتمعية.

وتنسيق الجهود مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص لضمان توازن المصالح بين الرياضة والربح التجاري.

نؤمن أن الاستثمار الذكي والمنضبط هو المفتاح لجعل الرياضة السورية قطاعًا فاعلًا وممولًا ذاتيًا يساهم في بناء اقتصاد رياضي حقيقي يرتقي بمكانة الرياضة ويعزز صورة سوريا على المستوى الدولي.

*كيف سيتم جذب المستثمرين لقطاع الرياضة..؟

جذب المستثمرين إلى القطاع الرياضي لا يتم عبر الشعارات، بل من خلال توفير بيئة جاذبة وآمنة من الناحية القانونية والإدارية والمالية. نحن نعمل حالياً على إعادة صياغة منظومة الاستثمار الرياضي بشكل كامل، تتضمن إعداد أدلة استثمارية واضحة، وعقود تحفظ حقوق الدولة والمستثمر، وتحقق التوازن بين العائد الاقتصادي والفائدة الرياضية.

نحن نعي تماماً أن المستثمر لا يغامر في بيئة غير مستقرة أو تعاني من الفوضى الإدارية، لذلك فإن من أولويات الوزارة في هذه المرحلة هي ضبط العملية الاستثمارية من خلال:

ـ مراجعة العقود القديمة المجحفة، وتصويب ما يمكن تصويبه منها.

ـ إنشاء خارطة استثمارية وطنية للمنشآت الرياضية، تُطرح بشفافية أمام المستثمرين.

ـ التنسيق مع الوزارات المعنية لتسهيل الإجراءات الإدارية والضريبية.

ـ تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص في الإدارة والتشغيل والصيانة، وليس فقط في التمويل.

كما نركز على الترويج الخارجي للفرص الاستثمارية الرياضية في سوريا، وخاصة في الدول التي تمتلك تجارب رياضية ناجحة، من خلال الملتقيات والاتفاقيات الثنائية، والتركيز على الدور المجتمعي للرياضة، بوصفها قطاعاً حيوياً واعداً في مرحلة إعادة الإعمار.

ماذا عن تأهيل الكوادر كيف سيتم ذلك..؟

تأهيل الكوادر هو حجر الأساس لأي عملية تطوير حقيقية في القطاع الرياضي. لا يمكن أن نتحدث عن نتائج أو إنجازات دون أن نمتلك العنصر البشري المؤهل علمياً ومهنياً وأخلاقياً. ولذلك، فإن الوزارة اعتمدت محور التأهيل كأحد أعمدة الاستراتيجية الجديدة.

آليتنا في التأهيل تعتمد على عدة مسارات متكاملة:

١ـ التدريب التخصصي الداخلي: من خلال دورات مركزية في دمشق والمحافظات، وفق مناهج حديثة تشرف عليها لجان فنية متخصصة، وتراعي متطلبات كل لعبة وخصوصية كل فئة عمرية.

٢ـ البعثات الخارجية والاتفاقيات: نحن بصدد عقد اتفاقيات تعاون مع دول شقيقة وصديقة تمتلك تجارب رياضية متقدمة، بهدف إرسال كوادرنا الفنية والإدارية للتدريب والتأهيل على أرض الواقع، والاستفادة من المعاهد والأكاديميات الرياضية المرموقة.

٣ـ التحفيز والتقييم: تأهيل الكوادر لا يعني فقط إعطاء شهادات، بل خلق بيئة محفزة تعمل وفق مبدأ المكافأة والتقييم الدوري، حتى يتحقق مبدأ “الرجل المناسب في المكان المناسب”، وتتم محاربة الترهل والشللية والمحسوبيات.

٤ـ الاستفادة من الخبرات السورية في الخارج: نولي أهمية كبيرة لفتح الأبواب أمام الكفاءات السورية المغتربة، وإيجاد صيغ عمل تتيح لها تقديم خبرتها في تطوير الرياضة الوطنية، سواء من خلال التدريب المباشر أو الإشراف أو التعليم عن بعد.

*يوجد كثير من الخبرات والكفاءات السورية داخل وخارج القطر لماذا لايتم الاستعانة بهم من اجل تطوير الواقع الرياضي؟

هذا يقودنا للحديث عن الواقع المالي للوزارة حيث لاتسمح الأنظمة المالية والقوانين بتقديم رواتب للخبرات توازي مايتقاضونه في الخارج أو تقترب مما يتقاضاه الأجنبي عندما نتعاقد معه؟

هذا السؤال يعكس هماً حقيقياً نشاركه جميعاً. فالخبرات السورية، في الداخل والخارج، تمتلك من الكفاءة والمعرفة ما يؤهلها لتكون رافعة فعلية للرياضة السورية، ونحن نعتبر أن من واجبنا وحقهم أن نفتح لهم الأبواب للمساهمة في إعادة بناء القطاع الرياضي.

ولكن لا بد أن نكون شفافين في الحديث عن التحديات، وعلى رأسها الإطار القانوني والمالي الحالي الذي لا يتيح منح الخبرات الوطنية المقابل العادل، مقارنة بما يتقاضاه نظراؤهم في الخارج أو ما يُعرض على الأجانب. وهذا خلل نسعى إلى تصحيحه عبر:

مراجعة الأنظمة المالية الناظمة لعمل الوزارة والمؤسسات الرياضية، لفتح المجال أمام صيغ جديدة للتعاقد تتناسب مع حجم الكفاءة.

إشراك الخبرات الوطنية في المهام الاستشارية والإشرافية، سواء من خلال التواجد المباشر أو العمل عن بعد، مع تأمين حوافز معنوية ومادية ضمن المتاح حالياً.

ربط الاستفادة من هذه الخبرات بمشاريع محددة قصيرة ومتوسطة الأجل، حتى تكون مساهمتهم فاعلة ومباشرة وتُقاس بنتائج واضحة.

في الوقت نفسه، نوجه دعوة مفتوحة لكل الكفاءات السورية في الخارج: سوريا تحتاجكم، وتقدّر ما تملكونه من خبرات، والباب مفتوح أمام كل من يريد أن يضع بصمته في هذه المرحلة الجديدة. كما نؤكد أننا نُخضع التعاقد مع أي كادر أجنبي لتقييم صارم من حيث الكفاءة والقيمة المضافة، ولا نقبل التمييز السلبي ضد الكوادر الوطنية.

ولعل أبرز الأمثلة على هذا التوجه هو انضمام الكابتن جمال الشريف، وهو من الشخصيات الرياضية السورية المعروفة عربياً ودولياً، إلى فريق العمل في الوزارة، ونعتز بوجوده إلى جانبنا. كما أن هناك تواصلاً مستمراً مع عدد من الكفاءات والشخصيات الرياضية لاستقطابهم وجعلهم جزءاً أساسياً من مشروعنا الوطني الجديد في تطوير الرياضة السورية.

* كرة القدم واجهة الألعاب وسفير فوق العادة للبلد، ماهي توجهاتكم بشأنها للإرتقاء بها لمستوى افضل مما هي عليه؟

كرة القدم ليست مجرد لعبة في سوريا، بل هي جزء من الهوية الوطنية وشغف الملايين. ندرك تماماً حجم المسؤولية التي تقع على عاتقنا للارتقاء بهذه الرياضة التي تمثل صورة الوطن في المحافل الدولية.

توجهات الوزارة في هذا الملف تتمحور حول:

ـ تطوير البنية التحتية الخاصة بكرة القدم، من ملاعب ومراكز تدريب ومعسكرات، لضمان بيئة مثالية للاعبين والمدربين.

ـ الاهتمام بالناشئين والفئات العمرية بوصفهم مستقبل الكرة السورية، من خلال تطوير الأكاديميات وبرامج اكتشاف المواهب.

ـ تحديث آليات التدريب والتأهيل للمدربين والحكام والإداريين، وربطها بأحدث الأساليب العالمية.

ـ تطوير الدوري المحلي بحيث يكون أكثر تنافسية وجاذبية، مع تشجيع الاستثمارات ودعم الأندية لتوفير بيئة احترافية.

ـ دعم مشاركة المنتخبات الوطنية في المحافل الإقليمية والدولية، مع الحرص على بناء فريق متماسك قادر على تحقيق نتائج مشرفة.

ـ العمل على مكافحة الفساد والمحسوبيات في كل ما يتعلق بكرة القدم، لضمان عدالة المنافسة وشفافية القرارات.

كل هذا يتم ضمن رؤية شاملة تهدف إلى جعل كرة القدم السورية ليست فقط رياضة محلية، بل سفيراً حقيقياً يرفع اسم سوريا عالياً في سماء الرياضة العالمية.

*هناك من يتحدث عن إقصاء لبعض هذه الخبرات أو بعض الأبطال، أو اللاعبين ماهي الأسباب التي يمكن أن نقدمها للرأي العام ..؟

عقلية الإقصاء هي عقلية مرفوضة ومستهجنة، وكانت متبعة من قبل النظام البائد وأجهزته، حتى على مستوى الرياضة. على العكس تماماً، تسعى الوزارة دائماً لفتح جسور التواصل مع كافة الخبرات في كافة المجالات لتعزيز المشاركة وعرض الرؤى والأفكار، وتوفير بيئة عمل تحفّز التعاون والتطوير.

العملية الإدارية في الوزارة تخضع لمحددات وضوابط دقيقة، حيث يجب أن تتوفر صفات التخصص، والخبرة الإدارية، بالإضافة إلى الإخلاص والتفاني في العمل بعيداً عن مصالح التسلق والتنصيب الشخصي، هذه العملية يتم مراجعتها بدقة على جميع الأشخاص المقترحين للعمل.

بالنسبة للعمل في الاتحادات والأندية، فهو يخضع لإطار قانوني واضح يعتمد على الانتخابات وفق معايير دولية، حيث يكون دور الوزارة إداري إشرافي دون التدخل في ماهية التعيين، مع التنسيق الكامل في الحالات الضرورية والاستثنائية.

نؤكد على أن الوزارة ملتزمة بتوفير بيئة رياضية عادلة وشفافة، تحترم الحقوق وتوفر الفرص للجميع بناءً على الكفاءة والمصلحة العامة للرياضة السورية.

*ماذا عن عودة النشاط الرياضي وكيف يمكن ان يكون ؟

حالياً، النشاطات الرياضية قد أقلعت وإن لم تكن بالمستوى الذي يحقق التطلعات بشكل كامل، وذلك لأسباب متعددة. فقد عاد دوري كرة القدم السوري ودوري كرة السلة، ونُفذت العديد من البطولات المحلية بنجاح نسبي، كما لدينا مشاركات مستمرة على المستوى الخارجي وحققنا بعض النتائج الإيجابية، لكنها تبقى خطوة أولى فقط في طريق تحقيق الطموحات الكبرى.

نحن الآن في مرحلة تشكيل الاتحادات والتي من المتوقع أن تنتهي خلال ثلاثة أشهر تقريباً، وبعد ذلك سيتم وضع خطط شاملة للبطولات المحلية والدولية، إلى جانب تقييم كامل لهذه النشاطات للوقوف على التحديات ومعالجتها بشكل فعال.

كل ذلك يتم بالتوازي مع عملية إعادة استصلاح المنشآت والبنية التحتية المدمرة، وفق خطة استراتيجية ممنهجة تضمن تجهيز المنشآت لتكون قادرة على تنظيم البطولات بجودة عالية.

وفي هذا الصدد، لدينا خطط استثمارية وتواصلات دولية وصلت لخطوات متقدمة تهدف إلى تجهيز المنشآت الرياضية لتقديم الدعم والمساندة اللازمة.

* رفع الحظر عن ملاعبنا ، وعن الأموال المجمدة، كيف سيتم الاشتغال على هذا الملف بعيدا عن “التهويشات” والارتجالية السابقة ..؟

موضوع رفع الحظر عن ملاعبنا الرياضية هو ملف حساس وعميق يتطلب دراسة متأنية ودخولاً في حيثيات أسباب هذا الحظر التي تعود في أغلبها إلى أسباب أمنية.

نعمل بتنسيق عالي المستوى مع وزارة الداخلية والجهات المعنية الأخرى لضمان إثبات قدرتنا الكاملة على تنظيم كافة الفعاليات والبطولات بأعلى معايير الأمن والسلامة.

ويرتبط هذا الملف ارتباطاً وثيقاً بموضوع تجهيز المنشآت الرياضية التي تحدثنا عنها سابقاً ضمن خطتنا المتدرجة لتأهيل وتفعيل هذه المنشآت، سواء من خلال تنسيق قاعدة الاستثمار أو عبر التواصلات الدولية التي وصلت لمراحل متقدمة، بهدف تجهيز المنشآت لتكون قادرة على استضافة البطولات بشكل آمن وفعال.

حالياً، نحن بصدد إبرام وتفعيل تفاهمات واتفاقات مع عدد من الدول الصديقة ذات العلاقات الدولية القوية للمساعدة في رفع الحظر عن ملاعبنا.

كما نعمل على تنظيم نشاطات وكرنفالات رياضية بمشاركة وتشاركية مع دول أخرى، بهدف إثبات قدرتنا على تنظيم فعاليات رياضية محلية ودولية في سوريا بأعلى مستويات التنظيم والأمن.

نسعى كذلك إلى اتباع سلوك خطابي متطور ومتقدم يساعد على إيصال الرسائل بشكلها الصحيح، والخروج من طريقة المرسلات التقليدية المتبعة سابقاً، وذلك لنقل الأفكار والرؤى المقترحة ضمن سياقها الصحيح الذي يساهم في تحقيق الأهداف المنفذة على أرض الواقع.

تأهيل الملاعب والبنى التحتية وهناك اتفاقيات سابقة بهذا الشان ماذا حل بها وهل توجهتم للاتحادات الدولية بهذا الخصوص للمساعدة؟

تأهيل المنشآت والملاعب الرياضية يُعد من أبرز أولويات وزارة الرياضة والشباب في هذه المرحلة، وقد بدأنا فعليًا بتنفيذ خطة استراتيجية متدرجة لإعادة استصلاح البنية التحتية المتضررة بفعل سنوات طويلة من الإهمال والدمار.

تم تأهيل العديد من الملاعب ضمن خططنا الآنية، ومنها ما يزال في طور التأهيل مثل بعض ملاعب دمشق، وملعب بابا عمرو في حمص، وملعبي اللاذقية وجبلة، وذلك بهدف الوصول إلى جاهزية كاملة تؤهل هذه المنشآت لاستضافة البطولات المحلية والدولية.

كما أننا تواصلنا مع عدد من الاتحادات والمنظمات الرياضية الدولية بهدف الحصول على الدعم اللازم سواء في الجوانب الفنية أو التمويلية، ونعمل بالتوازي على بناء شراكات جديدة في هذا الإطار.

وقد وصلنا بالفعل إلى مرحلة متقدمة من التفاهم مع إحدى الدول الصديقة لتقديم دعم مباشر في هذا المجال، سواء من خلال تجهيز بعض المنشآت أو عبر توفير خبرات فنية وتقنية متخصصة، بما يعزز من قدرتنا على تطوير البنية التحتية الرياضية وفق المعايير الدولية.

*التعاون مع الأشقاء العرب في مجال التطوير والتأهيل كيف سيتم وهل اشتغلتم على هذا الملف لعقد اتفاقيات جديدة والاستفادة منها لتطوير رياضتنا وأبطالنا وكوادرنا؟

نحن نولي أهمية كبيرة لمسار التعاون مع الأشقاء والأصدقاء في الدول العربية والدولية، وقد بدأنا فعلياً بخطوات ملموسة في هذا الاتجاه، من خلال سلسلة من اللقاءات والاتصالات التي أجريناها مؤخراً مع عدد من الجهات والمؤسسات الرياضية في دول عدة، والتي عبّرت عن رغبة واضحة في التعاون مع وزارة الرياضة والشباب في سوريا.

هذه اللقاءات ستُستكمل قريباً من خلال زيارات متتالية لوفود رسمية من الوزارة إلى تلك الدول، بهدف الاطلاع المباشر على تجاربها النموذجية في مجالات الاستثمار الرياضي، تطوير المنشآت، تنظيم البطولات، وإدارة الأندية. وستُبنى على هذه الزيارات تفاهمات واضحة تُترجم لاحقاً إلى اتفاقيات عملية، تنعكس إيجاباً على واقعنا الرياضي وتساهم في تطوير كوادرنا ومؤسساتنا بما يتماشى مع الرؤية الجديدة للوزارة.

توجد في مصر العربية كفاءات وخبرات ومستويات رياضية متميزة إضافة لأكاديميات ومعاهد للتأهيل، هل في نيتكم التعاون والاستفادة من التجربة الرياضية المصرية الرائدة ؟

بالتأكيد تُعدّ جمهورية مصر العربية من الدول الرائدة عربياً وأفريقياً في المجال الرياضي، وتمتلك تجربة عريقة وناجحة على مستوى البنية التحتية، التشريعات، التأهيل، والتنظيم، إلى جانب نتائج متميزة على المستويات القارية والدولية، ونحن في إطار إعداد الهيكلية الجديدة لوزارة الرياضة والشباب، اطلعنا على هيكلة وزارة الشباب والرياضة المصرية للاستفادة من خبراتهم التنظيمية والإدارية.

كما نولي اهتماماً خاصاً لتجربة الأندية المصرية المتطورة مثل ناديي الأهلي والزمالك، اللذين يمثلان نموذجاً ناجحاً في الإدارة الرياضية والاحترافية، ونرغب في الاستفادة من خبراتهم لتطوير الأندية السورية على جميع المستويات.

نثمن عالياً دور جمهورية مصر العربية في دعم سوريا والمساهمة في عملية الارتقاء والبناء لمؤسسات الدولة السورية، مع التأكيد على التمسك بسيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها. ونعمل على تعميق التعاون والتنسيق مع الأشقاء المصريين لتبادل الخبرات وتنفيذ برامج مشتركة تعود بالنفع على الرياضة والشباب في بلدينا.

وكجزء من رؤيتنا المستقبلية، نعمل على بناء منظومة رياضية متكاملة تستند إلى تجارب رائدة في المنطقة وعلى رأسها التجربة المصرية التي تعتبر نموذجاً ناجحاً في التطوير الرياضي الشامل. نحن نؤمن بأهمية تبني أفضل الممارسات والتقنيات الإدارية والتدريبية التي حققتها مصر، والعمل على تكييفها بما يتناسب مع خصوصية وواقع الرياضة السورية. هذا النهج سيساعدنا على تحقيق نقلة نوعية في تطوير الكوادر، المنشآت، والبرامج الرياضية، وصولاً إلى بناء قاعدة قوية تساهم في الارتقاء برياضة الوطن وتمكين شبابنا من التميز والنجاح محلياً ودولياً.

سلطنة عمان كانت واحدة من الدول الداعمة لسوريا رياضياً، واستضافت مباريات ومعسكرات لمنتخباتنا، كيف يمكن تطوير هذا التعاون وتنميته والاستفادة من التجربة الرياضية العُمانية وتبادل الخبرات بيننا..؟

نُثمن عالياً العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بين الجمهورية العربية السورية وسلطنة عُمان، والتي تمثل نموذجاً للتعاون الإقليمي البناء في مجال الرياضة والشباب، وتشهد سلطنة عُمان تطورات واضحة ومتسارعة على عدة محاور، منها تطوير البنية التحتية الرياضية الحديثة، وتفعيل برامج تنمية الشباب، وتعزيز الاستثمارات في القطاع الرياضي، بالإضافة إلى الاهتمام الكبير بتأهيل الكوادر الرياضية والفنية.

وزارة الرياضة والشباب في سوريا تنظر إلى سلطنة عُمان كشريك استراتيجي يمكننا الاستفادة من تجربتها المتقدمة في بناء منظومات رياضية وشبابية متكاملة، ونحن نعمل على تفعيل قنوات التعاون بين البلدين في مجالات تبادل الخبرات، تنظيم الفعاليات المشتركة، وتأهيل الشباب عبر برامج تدريبية مشتركة.

هناك رغبة كبيرة من جانبنا لتوسيع آفاق التعاون مع سلطنة عُمان في المجالات الرياضية والشبابية بما يخدم مصالح شعبينا ويعزز من مسيرة التنمية والتقدم. ونؤكد أن تعزيز هذا التعاون يأتي ضمن رؤيتنا الشاملة لبناء علاقات متينة مع الأشقاء، تستند إلى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وفي السياق ذاته، نعمل على تعزيز الدور الشبابي من خلال تمكين الشباب اقتصادياً واجتماعياً، واستقطاب المبدعين منهم، وتفعيل برامج تبادل البعثات مع الدول الصديقة.

 

عن admin1

شاهد أيضاً

الملحق القاري للتصفيات الآسيوية في الدوحة والرياض

القرعة في 17 يوليو والمواجهات تنطلق في الثامن من أكتوبر       متابعة – …