من الذاكرة إلى المستقبل    كيف نبني حضارة ترتكز على المعرفة؟

 

مسقط – د. معتصم غوتوق

تمر المجتمعات بلحظات فارقة تتشكل فيها الهوية وتعاد فيها صياغة الأولويات، في مثل هذه اللحظات تتجه الأنظار نحو الماضي بحثا عن الجذور ونحو المستقبل بحثا عن مخرج أو أمل وبين الاثنين يتجاذب الخطاب العام تيارات مختلفة بعضها عقلاني يرتكز على المعطيات والتخطيط وبعضها عاطفي يستند إلى الرموز والشعارات، ولكن التجربة أثبتت أن التقدم والحضارة لا تبنى إلا على قاعدة من المعرفة، لا على موجات الحماس .

  • الذاكرة بين الإلهام والتقييد

ذاكرة الشعب تمثل مصدر إلهام لا غنى عنه إذ تسهم في تشكيل الوعي الجماعي والإنتماء والهوية لكنها تتحول في أحيانا كثيرة إلى قيد يعطل الحاضر ويكبل المستقبل حين تستخدم لتبرير الجمود.

لايكفي أن نتغنى بأمجاد الماضي بل يجب أن نفهم أسباب نجاحه أو فشله لنبني عليه لا لنقلده.

في غياب رؤية واضحة تصبح الشعارات وسيلة للهروب من الواقع إنها أدوات تعبئة مؤقتة لابد من تجاوزها نحو أدوات بناء حقيقية.

  • المعرفة والإختصاص أساس مشروع حضاري مستدام

الدول التي استطاعت الانتقال من واقع متخلف إلى صفوف الدول المتقدمة لم تفعل ذلك عبر شعارات بل من خلال خطط تنموية واقعية واستثمار في رأس المال البشري وإعادة بناء المؤسسات على أساس الكفاءة والنزاهة.

  • من الخطاب إلى الفعل والحاجة بنية تنفيذية فعالة

لايكفي أن تكون لدينا رؤية تنموية أو خطط استراتيجية مالم تتوفر بنية قادرة على تنفيذها وهذا يحتاج على إصلاح الإدارة العامة ومكافحة الفساد المؤسسي ودولة عقلانية تدار كمنظومة مؤسساتية لا كتمييز للخطابة .

  • المشروع الحضاري بين الحلم والخطة

المشروع الحضاري لا يعني بناء منشآت وعمارات فقط بل بناء إنسان حر قادر متعلم يعيش في بيئة صحية ويشارك في صنع القرار هذا المشروع يتطلب وضوح الرؤية ماذا نريد أن نكون ؟

  • تحديد الأولويات مالذي يجب أن نبدأ به ؟
  • أدوات قياس دقيقة كيف نقيّم التقدم ؟

حين تكون لدينا خطة متكاملة تستند إلى العلم وتدار بكفاءة يمكننا أن نحول فشل الماضي إلى قوة دافعة ونبني مستقبلا يليق بإنسان الوطن.

إن المسافة بين الواقع والمأمول لاتقطع بالشعارات بل بالإعتراف الصادق بحجم التحديات والإيمان العميق بأن الحل ليس في تكرار الكلام بل في تجسيد الرؤية إلى فعل ولذلك فإن التقدم والتطور الذي نحلم به يبدأ حين نضع العقل فوق الصوت والخطة فوق الشعار والإختصاص فوق الخطابي.

 

 

عن admin1

شاهد أيضاً

الملحق القاري للتصفيات الآسيوية في الدوحة والرياض

القرعة في 17 يوليو والمواجهات تنطلق في الثامن من أكتوبر       متابعة – …