عمار الدمني
شهد هذا الموسم الكروي في أوروبا سلسلة من الأحداث الاستثنائية التي خلدتها سجلات كرة القدم، حيث تُوّج نيوكاسل يونايتد بلقب كأس الرابطة بعد غياب دام 70 عاماً، وحقق بولونيا لقباً طال انتظاره منذ 51 عاماً. أما هاري كاين، فقد كسر “نحساً” ظل مادة للسخرية على منصات التواصل الاجتماعي لسنوات، ليظفر أخيرًا بدرع الدوري الألماني كأول بطولة رسمية في مسيرته. كما خطف نادي “غو أهيد إيغلز” الهولندي كأس هولندا لأول مرة منذ 90 عامًا، بينما قلب آيندهوفن الطاولة على أياكس أمستردام وأبقى اللقب في خزائنه عامًا إضافيًا، رغم تصدر أياكس لفترة طويلة.
وفي مفاجأة مدوية، توج كريستال بالاس بلقبه الأول في الكأس منذ تأسيسه قبل 120 عامًا، بينما حسم نابولي الدوري الإيطالي في جولته الأخيرة، في موسم وصف بالأكثر إثارة في إيطاليا هذا العام. أما توتنهام، فقد عاد لمنصات التتويج بعد 17 عامًا، منتزعًا لقبًا أوروبيًا على حساب مانشستر يونايتد، ما منحه بطاقة التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، رغم احتلاله المركز الأخير في المنطقة الدافئة من الدوري الإنجليزي، محققًا رقمًا قياسيًا كأول نادٍ يخسر 22 مباراة في موسم واحد من الدوري الممتاز دون الهبوط.
غير أن أبرز المشاهد بالنسبة للبعض تمثل في خروج مانشستر سيتي خالي الوفاض، مسجلاً أول موسم صفري في عهد بيب غوارديولا.
ريمونتادا في بلاد الطواحين.. النسور تحلق
اعتاد الجمهور العربي استخدام مصطلح “ريمونتادا” للدلالة على العودة القوية، وقد تكرر هذا السيناريو مرتين في هولندا، أولهما عندما عاد فريق “غو أهيد إيغلز” من الدرجة الثانية في اللحظات الأخيرة لنهائي كأس هولندا، ليظفر باللقب بركلات الترجيح أمام نادي ألكمار. أما الثانية، فكانت من نصيب بي إس في آيندهوفن، الذي انقض على الصدارة في الأسابيع الأخيرة وانتزع اللقب من أياكس، رغم أن الأخير تصدر بفارق تسع نقاط قبل خمس جولات من النهاية.
جماهير آيندهوفن لم تُخفِ سعادتها، حيث رفعت لافتة كتب عليها: “ظننتموها لكم، لكنها لا تزال بين أيدينا”، في إشارة لاحتفاظهم باللقب. بالمقابل، أدت خسارة اللقب إلى رحيل المدرب الإيطالي فرانشيسكو فاريولي عن أياكس، نتيجة “اختلاف في الرؤية وطريقة العمل”، رغم تحقيق الفريق هدفه بالتأهل إلى دوري أبطال أوروبا.
المنبوذون يصنعون المجد.. نابولي بطل إيطاليا
في ليلة لا تُنسى لعشاق نابولي، تُوّج الفريق الأزرق بلقبه الرابع في الدوري الإيطالي، وسط أداء أبهر الجميع بقيادة أنتونيو كونتي، الذي أصبح أول مدرب في تاريخ “السيري آ” يحقق لقب الاسكوديتو مع ثلاثة أندية مختلفة. المفارقة أن كونتي تولى فريقاً لم يكن مرشحاً حتى لبلوغ مركز أوروبي، ناهيك عن الفوز باللقب، لكنّه أعاد إحياء نجوم وصفهم الإعلام بـ “المنبوذين”، مثل سكوت مكتوميناي المنبوذ من مانشستر يونايتد، والمهاجم روميلو لوكاكو الذي غادر تشيلسي بعد موسم مخيب.
رغم الفوز الحاسم على كالياري، دعا لوكاكو زملاءه لليقظة حتى اللحظة الأخيرة، مستشهداً بنهائي دوري الأبطال الشهير بين بايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد، قائلاً: “تعلمت أن لا شيء يُحسم قبل صافرة النهاية”.
دراما الجولة الأخيرة: تشويق حتى الرمق الأخير
لم تقتصر الإثارة على سباق الصدارة في إيطاليا، بل امتدت لمعركة المقاعد الأوروبية ومناطق الهبوط. فقد ضمن يوفنتوس تأهله إلى دوري الأبطال بفوز مثير على فينيزيا 3-2، متقدماً بنقطة على روما الذي فاز بدوره على تورينو. أما لاتسيو، فقد خسر على أرضه أمام ليتشي، الذي أكمل اللقاء بعشرة لاعبين.
دخلت الجولة الأخيرة بمنافسة محتدمة بين يوفنتوس (67 نقطة)، روما (66)، ولاتسيو (65)، وسط انطلاق متزامن لمبارياتهم. أداء يوفنتوس تراجع بشكل كبير في مارس، ما أدى إلى إقالة تياغو موتا وتعيين إيغور تيودور، الذي قاد الفريق بصعوبة إلى المركز الرابع.
روما، بقيادة كلاوديو رانييري، استعاد عافيته بعد بداية متعثرة، بينما سقط لاتسيو خارج الحسابات الأوروبية. وفي معركة القاع، هبط كل من فينيزيا، إمبولي، ومونزا، فيما نجا ليتشي بأعجوبة. وضمن فيورنتينا مشاركته في الدوري الأوروبي، تاركاً لاتسيو بلا تمثيل قاري.
إنتر ميلان.. نقاط كثيرة بلا ألقاب؟
رغم حصد إنتر ميلان 331 نقطة خلال المواسم الأربعة الأخيرة – متفوقًا على يوفنتوس (280)، وميلان (294)، ونابولي (304) – إلا أن الفريق عجز عن تحويل تفوقه الرقمي إلى تتويجات. أداء “النيرازوري” كان متذبذبًا تحت قيادة سيموني إنزاغي، فشهد فترات انهيار كموسم 2023 حين جمع نقطة واحدة في خمس مباريات، مقابل موسم شبه مثالي في 2023-2024. وتُطرح تساؤلات حول افتقار الفريق إلى الثبات الذهني اللازم للفوز بالألقاب، على عكس نابولي الذي ترجم تفوقه إلى إنجازات نوعية.
فرنسا: باريس سان جيرمان بطل، وستراسبورغ فريق للمستقبل
توّج باريس سان جيرمان بلقب الدوري الفرنسي في 5 أبريل، وأضاف إليه لقب كأس فرنسا في 24 مايو، في موسم بدا سهلاً للنادي الباريسي الذي أنهى المسابقة بـ84 نقطة، منتظرًا تحقيق الثلاثية في نهائي دوري الأبطال بميونيخ.
غير أن المشهد الفرنسي لم يخلُ من الدراما، أبرزها نهاية موسم ستراسبورغ الاستثنائي، الذي خاض أكثر من 60% من دقائق لعبه بلاعبين تقل أعمارهم عن 21 عامًا. وقد يشارك في الدوري الأوروبي إن نُفّذ قرار هبوط نادي ليون في يونيو. الصراع على البقاء كان محتدماً، حيث أطاح هدف قاتل للوهافر بريمس إلى المركز 16، ليواجه ملحق الهبوط.
ألمانيا.. بايرن يستعيد العرش وكأس المفاجآت
كما كان متوقعًا، استعاد بايرن ميونيخ لقب البوندسليغا، منهياً جدل “نحس هاري كاين”، ليعود الحديث مجددًا حول كيفية تعزيز صفوف العملاق البافاري.
أما كأس ألمانيا، فشهد مفاجآت كبيرة أبرزها بلوغ أرمينيا بيليفلد للنهائي، بعد إقصائه لأربعة أندية من الدرجة الأولى. ورغم خسارته 2-4، إلا أن الإشادات كانت كثيرة بشجاعته، كما سُلِّطت الأضواء على المدرب الشاب سيبستيان هونيس الذي حصد لقبه الأول مع شتوتغارت، واختتم الموسم في ألمانيا برحيل المدرب تشابي ألونسو عن باير ليفركوزن إلى ريال مدريد.
برشلونة فليك.. موسم ثلاثي وأرقام هجومية
حقق برشلونة موسمًا استثنائيًا تحت قيادة هانزي فليك، تُوّج فيه بثلاثية محلية، مسجلًا 102 هدفًا، ليعكس سطوته الهجومية الكاسحة. كما تفوّق على غريمه ريال مدريد في أربع مواجهات “كلاسيكو”، بينما حلّ الفريق الملكي ثانيًا، مع تتويج نجمه كيليان مبابي بلقب الهداف بـ31 هدفًا، متفوقًا على البولندي ليفاندوفسكي (27 هدفًا).
فياريال عاد لدوري الأبطال، بينما أبدع أتلتيك بلباو واكتفى بالمركز الرابع.
الدوري الإنجليزي.. ليفربول يتوَّج مجددًا
أنهى ليفربول موسمًا مثيرًا في البريميرليغ بلقبه العشرين، والثاني في عهد البريميرليغ، بعدما حافظ على الصدارة منذ الجولة الـ11. وفي يوم الختام، رُفعت الكأس بحضور يورغن كلوب، وشهد التاريخ على خلفه آرني سلوت، الذي نال المجد في موسمه الأول.
في المقابل، حل مانشستر سيتي ثالثًا، بعد تراجع غريب في الأداء، فيما واصل أرسنال مطاردته الدؤوبة وأنهى الموسم وصيفًا للمرة الثالثة تواليًا.
أرقام من موسم 2024-2025
شهد الموسم 1,115 هدفًا، بمعدل 2.93 هدفًا في المباراة، كثاني أكثر موسم تهديفي بعد 2023/2024. وتم تسجيل 62 “ريمونتادا”، و93 هدفًا بعد الدقيقة 90.
النجم العربي محمد صلاح نال لقب الهداف بـ29 هدفًا و18 تمريرة حاسمة، محطمًا رقم واين روني كأكثر لاعب سجل وصنع في مباراة واحدة (42 مرة).
كما سجّل هالاند مساهمته التهديفية رقم 100 في البريميرليغ (84 هدفًا و16 تمريرة) في 94 مباراة فقط. وسجّل جاستن كليوفرت أول “هاتريك” من ركلات جزاء في مباراة واحدة، بينما حصل زميله إيفانيلسون على ثلاث ركلات في لقاء واحد.
الدوري الأوروبي.. نافذة غير متوقعة إلى دوري الأبطال
رغم قساوة العنوان، إلا أن واقع النهائي الأوروبي بين توتنهام وخصم من خارج المراكز الأولى في الدوري الإنجليزي، يكشف عن تحوّل المسابقة إلى نافذة لعودة الأندية المتعثرة إلى دوري الأبطال. ففوز توتنهام، صاحب المركز الأخير في المنطقة الدافئة، ضمن له تذكرة عبور لموسم قاري جديد.