حديث الروح شغف اللعبة والكتابة والتكنولوجيا

 

بسام جميدة

كثير من العاملين في حقل الإعلام الرياضي يبحثون عن المتاعب بأيديهم ويذهبون إليها بأرجلهم، ليس حباً بالمشاكل، ولكن كونها جزء لذيذ من طبيعة العمل المتواصل، وعن نفسي كثيرا ما أحسد بعض الزملاء في بعض الدول على “دسامة” المواد التي يمكن أن يعملونها في بلدانهم نظرا لكثرة النشاط، وأهميته وخصوصا في ميدان كرة القدم، وبقية الألعاب التي “عليها الضوء”.

الزملاء في السعودية باعتقادي هم الأكثر عملاً وقدرة على كتابة عشرات المواضيع يوميا، وفيها الكثير من الجدل والنقاش، كون الدوري الكروي بما يضمه من نجوم ومدربين عالميين وإدارات وكثير من وسائل الإعلام القادرة على مواكبة الحدث الآني، بوجود داعمين وإعلانات ومصادر تمويل كافية.

وفي الوقت ذاته، أتوقف عند تجارب الزملاء في مصر، وما فيها من قامات إعلامية كبيرة وكثيرة، وتنافس مهم في ألعاب كثيرة، ولا يقتصر الأمر على كرة القدم أبداً رغم حلاوة “المناقرة” بين محبي الأهلي والزمالك، حيث كثرة المواد من شأنها أن تمنح القارئ إعلام مهني جميل، بعيدا عن الصفحات الصفراء والتعصب الذي يشوه الرياضة في أي مكان كان.

هنا لا أبخس بقية حق بقية الدول والزملاء فيما يقدمون من جهود، ولكن الحدث يصنع الخبر ويحرك الإعلام دائما..

في المقابل تأتي مهنية الإعلامي في الدرجة الأولى لأن يكون الإعلام من النوع الفاخر، عندما يمتلك أدواته ويعرف كيف يتناول المادة ويعجنها ويخبزها ليقدمها شهية وجذابة للمتابع، والزميل المهني قادر على أن يصنع “من الحبة قبة” وأن يصوغ مادته أو تقريره كما يجب وتصبح “ترند” فيما لو أحسن اقتناص اللحظة والخبر والحوار.

لست هنا بصدد تقديم محاضرة في صناعة الإعلام، ولكن أحببت أن أشير إلى ناحية مهمة جداً وهي وجوب أن يكون الإعلامي محب لمهنته ويجيد استغلال الفرصة، لا أن يجلس وينتظر أن تأتي المادة إليه كي يكتب.

الشغف والحب هنا هما المحرك الرئيس، ومن لا يملكها لا يستحق أن يكون مهنياً، في أي عمل، ولا أقصد الإعلام بالذات.

هنا لا أتمنى أن يحل الذكاء الصناعي الذي يستخدمه الكثيرون ليكتب عنهم المقالات ويقدم البرامج والأفكار، لأن المادة الإعلامية وإن كانت كلمات فهي بالنسبة لي فيها روح الكاتب وأنفاسه، وتنبض بالحياة لأنها ليست حبراً، بل فيها لحم ودم.

 

نسخة جديدة من بطولة كأس العالم للأندية ستقام كل اربع سنوات، وبدل مشاركة سبعة أندية بات العدد 32 ناديا، وجوائز مغرية، هذا التطور في البطولات العالمية ليس المقصود به فقط نشاط كروي يقدم الفرجة للمتابعين، بل وراءه شركات كبرى وأموال يتم ضخها بقوة في مثل هذه المناسبات، وقد شهدنا تطورا على صعيد البطولات الأوربية أيضا بمختلف صنوفها، ولم تكن البطولات القارية الأخرى بعيدا عن هذه التطورات.

المال وحده هو من يحرك كرة القدم، والمال أيضا أصبح مطلب اللاعبين، وأرقام التعاقدات باتت خرافية، وشركات كثيرة تستفيد من كرة القدم والرياضة بشكل عام، على صعيد التصنيع وتجهيز كل ما يخص اللعبة واللاعبين والملاعب، وفي النهاية يبقى اللاعب هو المحرك لكل هذه الأنشطة، ومن دونه لن يتم تفعيل كل تلك الأدوات التي تحدثنا عنها، وهذا اللاعب في النهاية بشر، ولديه طاقة تحمل واستيعاب، ولذلك نسمع بين الحين والآخر من ينادي بوقف استغلال اللاعبين وسط هذه الزحمة من المباريات، وحتى من العنف الذي بات يجتاح ملاعب كرة القدم ويهدد مسيرة وحياة اللاعب في كل وقت وحين.

المتعة وحدها لم تعد هي الغاية، حتى اللاعب لم تعد رغبته فقط متعة اللعب، بل المال، وأصبح مثل الآلة وهذا مصدر شقاء لا بد أن يخرج من صدور اللاعبين ذات يوم.

جشع أصحاب المال والشركات، والتطور التكنولوجي الغير محدود، ربما يدفعهم إلى ابتكارات جديدة ومنها الاستعاضة عن اللاعبين بـ “ريبورتات” قادرة على أن تقدم ما يقدمه اللاعبين، بعد أن حل الذكاء الصناعي محل الكثير من البشر في كثير من الأمور الحياتية المعقدة.

أقول هذا الكلام وقد أفردت له فصلا كاملا في كتابي “شغفتهم عشقا” حول مستقبل اللعبة، وما ستؤول إليه وسط ما نلمسه من تطور يومي على صعيد التكنولوجيا التي لم توفر شيئا في هذه الحياة.

 

 

 

 

عن admin1

شاهد أيضاً

الملحق القاري للتصفيات الآسيوية في الدوحة والرياض

القرعة في 17 يوليو والمواجهات تنطلق في الثامن من أكتوبر       متابعة – …