ملف التحكيم: شماعة لتعليق الهزائم واحتجاجات تثبط العزائم

التحكيم.. لماذا هو دائما في قفص الإتهام؟

رئيس الجامعة: التحكيم كالقضاء في تحقيق العدالة

 

الدار البيضاء – بدر الدين الإدريسي

 

إن استشعر أحد بيننا خطرا محدقا بكرة القدم، يتهدد جماهيريتها، فهو الجانب المأتمن على عدالتها، القضاة الذين يديرون المباريات وهم مطلوبون لإظهار نزاهتهم، ومطالبون أيضا، بألا يظلم عندهم أحد.

طبعا هؤلاء، هم الحكام الذين يمسكون بصفارة ويستظهرون عن ظهر قلب القوانين التي باللجوء إليها يصدرون أحكامهم، وبحذاقتهم ومهنيتهم يستطيعون أن يطفئوا كل نار تشتعل داخل المباراة.

فلماذا يتحول الحكام، القضاة والحماة والمصدرون للقرارات والأحكام إلى خطر داهم؟

 

  • شماعة لتعليق الأخطاء

من يعتقد أن أي إستراتيجية لتطوير كرة القدم والإرتقاء بها لمستويات عالية، لا تعتبر التحكيم رافعة أساسية لهذه الإستراتيجية، فهو ضل عن سبيل الحكمة والحوكمة، فلا خير يرجى من منظومة تطوير كرة القدم، إذا لم تضع التحكيم في صلب هذه الإستراتيجية، وإذا لم تعتبر الحكم مثل اللاعب هو القلب النابض لمباراة كرة القدم، ولأي تباري رياضي من أي نوع.

يخطئ الحكام فلا يرحمهم أحد، لا اللاعبون ولا الجماهير ولا إدارات الأندية ولا الإعلام، فما يلقونه من تشهير وإساءة وتنكيل، وأحيانا من تهديد ووعيد، لا يمكن أن يحتمله بشر، فقد كان الحكام وسيظلون، الشماعة المتيسرة للكل لكي يعلق عليها هزائمه ونكباته، وإن أجاد الحكام في إدارة مبارياتهم، وأخرجوا الملتهب منها لبر الأمان، ما حصلوا لقاء ذلك على أي إشادة أو تنويه، والحال أن كرة القدم في عموميتها وعبر تاريخها الطويل ما شهدت هذه الطفرات الخيالية، إلا لأن الحكام كانوا مساهمين في نجاحاتها.

 

  • أين نحن من بلقولة المونديالي؟

وإن كان ما تداعى بشكل خطير في مشهد الكرة الفرنسية والإسبانية من إستهداف صريح للحكام، بتفجير نوبات الغضب، وبإطلاق التهم على عواهنها، وبتفجير عديد الإحتقانات، يستنهض الأوصياء على كرة القدم هنا وهناك، بتطويق الظاهرة ومحاصرتها حتى لا تتطور لما هو أفظع، فكيف

هو حال تحكيمنا العربي؟

وهنا أفضل أن أسرد واقع التحكيم بالمغرب، بما يفرزه كالعادة من ردات فعل وشحنات غاضبة، وإن كنت أجزم بأن مستوى حكامنا العرب اليوم قياسا بما كان عليه الحال بالأمس القريب، تدنى بشكل كبير، ويشهد على ذلك تراجع حضورهم في البطولات القارية والعالمية، ونقص مهول في النخب التحكيمية القادرة على قيادة الجيل الجديد، كما يشهد عليه أن بعض الدوريات.

ويدل حاضر التحكيم المغربي على أنه أبعد ما يكون عن إفراز حكام من طينة المرحوم سعيد بلقولة الذي كان أول حكم عربي يقود نهائيا لكأس العالم، وكان ذلك خلال نسخة 1998 التي توجت المنتخب الفرنسي بلقبه المونديالي الأول، برغم أنه من وقت لآخر يبرز حكام مغاربة يوضعون ضمن قيادات التحكيم العربي والإفريقي، على غرار محمد الكزاز، بوشعيب لحرش ورضوان جيد.

وعندما يعهد لرجال الإختصاص، تقييم حالة التحكيم بالمغرب وتبرير تراجعاته، تبرز المسببات الكبرى، التي منها الصراع على قيادة لجنة التحكيم، هشاشة التكوين وعلى الخصوص درجة الإحتقان العالية التي تتسبب فيها الأندية بكثرة إحتجاجاتها.

 

  • لقجع يشبه التحكيم بالقضاء

ووعيا منه باستراتيجية ورش التحكيم في منظومة العمل، سيعمل فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على تجديد هياكل التحكيم، بتنصيب بوشعيب لحرش رئيسا للجنة المركزية للتحكيم، والحكم الدولي المتقاعد رضوان جيد رئيسا لمديرية التحكيم.

وخلال حفل نظمته اللجنة المركزية للتحكيم والمديرية الوطنية للحكام، على شرف كل من الحكام المتقاعدين خلال الموسم الرياضي 2023-2024، والحكام الدوليين الحاصلين على شارة الفيفا، للموسم الرياضي 2024-2025، شدد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، على دور التحكيم في تطوير كرة القدم بصفة عامة، مؤكدا على دور التكوين في الرقي بمستوى الحكام، داعيا الحكام إلى العمل أكثر والاشتغال على النواقص، لاسيما أن مجال التحكيم يخضع لتأثيرات الحياة العامة، خصوصا أنه أصبح مقترنا بالتكنولوجيا الحديثة.

وشبه السيد فوزي لقجع، التحكيم بالقضاء، لأنهما يخضعان للتأطير القانوني، والوازع الأخلاقي.ً

وأبرز عبد السلام بلقشور رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية دور التحكيم في النهوض بكرة القدم، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بالجانب التقني للحكام بدل الوقوف فقط على الأخطاء التي يرتكبونها، حتى يتسنى للكرة المغربية تسويقها.

وشدد بوشعيب لحرش، رئيس اللجنة المركزية للتحكيم، أن صورة التحكيم المغربي تتجلى في المباريات الدولية التي يقودها الحكام المغاربة.

وأضاف إن مستوى الحكام الدوليين يجب أن يكون أكبر من مستوى الحكام الذين يقودون مباريات البطولة الوطنية.

من جانبه وقف السيد رضوان جيد مدير المديرية الوطنية للحكام، عند دور التكوين في الرفع من مستوى التحكيمي، داعيا الحكام المغاربة إلى الاجتهاد أكثر والاستمرار في العمل.

 

من يحمي الحكام؟

وبموازاة مع السياسة المنتهجة بتليين مسالك الإرتقاء في سلم التحكيم، وتغيير منظومة التكوين على مختلف المستويات، بادرت اللجنة القائمة على شؤون التحكيم، بإناطة مباريات الدوري الإحترافي لعدد كبير من الحكام الشباب الذين كانوا محصورين في إدارة مباريات أقسام الهواة، ودعت بالمناسبة الأندية إلى تأمين ظروف نفسية جيدة لهؤلاء الحكام الشباب، ومساعدتهم على إدارة المباريات من دون ضغوط إضافية، والإبتعاد عن نظرية المؤامرة التي تحضر عند مهاجمة الحكام، ببلاغات احتجاج وتنديد، بينما تكون كثير من هذه الإحتجاجات ذريعة للتملص من مسؤوليات أخرى غير مسؤولية الحكم في خسارة المباراة.

 

عن admin1

شاهد أيضاً

الملحق القاري للتصفيات الآسيوية في الدوحة والرياض

القرعة في 17 يوليو والمواجهات تنطلق في الثامن من أكتوبر       متابعة – …