وجهة نظر صحية للحد من العنف في اللاعب
مسقط – ناصر درويش
تتنوع أسباب شغب الملاعب وتختلف من مباراة الى أخرى وقد تتدخل فيها اطراف عديدة مثل عدم توفيق حكم المباراة أو تصريحات تثير الجماهير أو تصرف غير مقبول من لاعب أو إداري ويكون لها ردة فعل من الغضب والعدوانية ويتبعها عنف من قبل قلة قليلة من الجماهير المتعصبة..
نعالج الموضوع هنا من زاوية نفسية وصحية وتنموية كي نعرف ارتداداتها على حالة التشجيع وما يمكن أن تؤدي إلى حالات عنف واعتداء على الحكام وتتطور إلى حالات شغب مؤذية.
عقوبات رادعة
هذه الظواهر السلبية بدأت تتلاشي تدريجيا في الملاعب العمانية بسبب اتباع سلسلة من القوانين الصارمة التي تحد من هذه الظاهرة وتتدرج العقوبات حسب نوعيتها وقد تصل العقوبة الى الإيقاف مدى الحياة، كما حدد قانون الجزاء العماني في المادة 309 منه عقوبة كل من قام بضرب أو جرح شخص بريء ولم ينتج عن ذلك مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تتجاوز 30 يوم، بالسجن مدة تصل إلى 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 100 ريال عماني، ولا تزيد عن 300 ريال عماني، أو إحدى العقوبتين.
وإذا نتج عن التعدي الإصابة بأي مرض أو عجز عن العمل مدة أكثر من 30 يوم يعاقب بالسجن من 3 أشهر حتى 3 سنوات والغرامة عندها لا تقل عن 100 ريال ولا تزيد عن 1000 ريال، وذلك وفق ما جاء في المادة 308 من القانون ذاته. وبالتالي يختلف حكم الاعتداء على شخص في القانون العماني بناءً على الضرر الذي يلحق بالمجني عليه وطبيعة الدعوى.
وجهة نظر صحية
الدكتور احمد بن سعيد عبد اللطيف استشاري اول الطب السلوكي ومدرب في التنمية النفسية بمستشفى جامعة السلطان قابوس حذر جميع المشجعين، من تعريض قلوبهم لأزمة صحية واي شعور سلبي خاصة شعور الحزن له تأثير على صحة الإنسان. ومدى التأثير يزيد باستمرار الشعور فيؤثر على جهاز المناعة وبالإمكان أن يؤدى الى الاكتئاب.
وقال: هناك بعض الجماهير تصاب بحزن كبير بسبب خسارة فريقها يكون لها تأثيرات مباشرة على القلب نتيجة الإجهاد الذي تعرض له كرد فعل لعدم تقبل الهزيمة، والحزن يكسر القلب بشكل فعلي وهي حقيقة علمية وليست استعارة مكنية أو تعبير بلاغي.
عاصفة الهرمونات
وأضاف: الحزن يؤدي لانبعاث عاصفة من هرمونات الحزن والغضب مما يؤدى لإفراز الأدرينالين والنورادينالين مسببة ألماً مفاجئاً في الصدر وأعراضا تشبه أعراض الأزمة القلبية، مما يسبب تقلصا شديدا في الشريان التاجي ويترتب عليه سكته قلبية.
ولهذا ينصح بالتشجيع المتزن وعدم الانسياق وراء الانفعالات التي قد تسبب حماقات غير محمودة وتؤذي الجسم في النهاية.
التشجيع الهادي
وينصح الدكتور احمد بن سعيد عبد اللطيف الجماهير الرياضية بالتشجيع الهادئ بعيداً عن التعصب الرياضي، وتقبل الهزيمة دون المبالغة في الحزن فالتعصب مبني على تفكير سلبي ومشاعر سلبية وغالبا يصاحبها ردة فعل سلبية. فالرياضة متعة رياضية تنتهي بالفوز أو الخسارة أو التعادل، والأولى أن نستمتع بالمشاهدة
ويضيف أن ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي بين الجماهير هو سلوك سلبي يؤدي الى حصول مشاعر سلبية وأفكار سلبية فالمجتمع الرقمي من سلبياته التحفيز السلبي أحيانا بسبب رفع الشعارات السلبية وتبنيها.
جمهور عاطفي
يرى عبد العزيز بن طالب السعدي اختصاصي اجتماعي بوزارة التنمية الاجتماعية أن الجمهور عاطفي بطبعة وكذلك الإعلام، لذلك فإن بعض الدول تستعين في دورياتها بحكام نخبة أجانب، يبتعدون عنها جغرافيا لكيلا يتأثر بما تقوله الصحافة والإعلام، ولا يكون لديه ميول لنادٍ دون ناد آخر، حيث يأتي لمهمة لمدة يوم واحد ويغادر، وبذلك يكون بعيداً عن الضغط.
وأشار بأن حكم أي مباراة هو محور أساس في التنافس، لكون أن قرارا بسيطا من شأنه أن يعطي نتيجة المباراة إلى الطرف الآخر، لذلك لا بد أن يتسم بالشجاعة، ويكون حاضراً ذهنيا، ، وملما بكل مايحيط به وحافظا للضوابط المنصوص عليها، لكي يتغلب على القلق الذي يصاحبه ضغط المباراة وصياحات الجمهور، والضغط الإعلامي كون القرار يتم اتخاذه في ثوانً معدودة.
في العديد من دوريات العالم والبطولات العالمية، هناك حكاماً لهم ثقلهم لا يهتمون بما يطرح عبر وسائل الإعلام المختلفة ولا الضغط الجماهيري، وهو ما نشاهده عند الحكم الإيطالي الأصلع كولينا الذي لا يبالي بتاتاً في اتخاذ القرار المناسب وسط أي ظرف من ظروف المباراة.
شخصية الحكم
ويؤكد السعدي بأن شخصية الحكم قبل المباراة وعند إجراء القرعة بالتحديد عامل مهم في تحديد هوية القرارات من توجيه قائدي الفريقين، والذين من شأنهما نقل المعلومات إلى لاعبيهم، لأن هذه المعلومات مهمة في توجيه وتهذيب اللاعبين، والذي سوف ينعكس لاحقاً على أرضية الملعب.
ومن المستحسن أن يتم إدخال الحكام إلى دورات خاصة على أيدي متخصصين في مواجهة القلق والضغط النفسي، لكونه يمثل أمر حاسم وقراراته تنعكس على نتيجة المباراة، فمن غير المعقول أن يذهب جهد فريق بأكمله على ضربة جزاء ظالمة وغير مستحقة نتيجة صيحات الجماهير من شأنها أن تؤدي إلى خسارة غير متوقعة، فلابد أن يكون متسلحاً بكل فنون المواجهة وعدم الرضوخ لأي تأثيرات جانبية من الجماهير أو الإعلام.
مبدا التعويض.
وأضاف :من الملاحظ بأن كثير من الحكام يعمل بمبدأ التعويض، وهذا نتيجة التردد، حيث أن هناك شك في خطأ معين لم يتم احتسابه، فليجا الحكم لاحقاً إلى احتساب أي تدخل واعتباره خطأ فادحاً من شأنه أن يتسبب في هزيمة فريق ضد آخر، وقد لاحظنا ذلك سابقاً في بطولات عالمية، إلا أنه وبعد تدخل نظام الفيديو “تقنية الفار”، اصبح ذلك محدوداً ولم يكن كالسابق حيث يعود الحكم إلى مشاهدة الخطأ عبر الشاشة أمام مرأى الجماهير، ليتخذ قراره بعدة المعاينة أكثر من مرة، إلا أن هذه التقنية لا توجد في ملاعبنا المحلية في الوقت الراهن، والتي أتمنى أن توجد للتقليل من حجم الأخطاء وتقنينها وتأطيرها
حالات نادره
ويؤكد الدكتور حمد الحضرمي رئيس لجنة الاستئناف في الاتحاد العماني لكرة القدم بان ظاهرة العنف في الدوري العماني أصبحت نادرة وليست كما كانت في السابق وذلك بسب الوعي والإدراك لدى اللاعبين والاداريين والجماهير على حدا سواء، كما أسهمت الأنظمة والقوانين في لائحة الانضباط والأخلاق الى التقليل من هذه الظاهرة السلبية التي يكون لها تأثير كبير، كما أن التقنيات الحديثة ومنها حكم الفيديو المساعد ساهم بشكل كبير في توقف حالات جدلية من الحكم للخطأ، ولهذا من المهم أن يتحلى الجميع بالأخلاق الروح الرياضية والتنافس الشريف .