تثقيف اللاعبين والجمهور وتشديد العقوبات يوقف الاعتداء على الحكام
حوار بسام جميدة
عندما نناقش الأمور التحكيمية أو ما يتعلق بالحكام لا بد من أن يكون معك الخبير والحكم الدولي السابق جمال الشريف صاحب أوسع حضور عربي في التحكيم العالمي.
ومن أجل إغناء هذا الملف سألناه عن بعض الجوانب فأجاب بكل ود وترحاب، تعالوا نتابع:
قوانين تحقق العدالة
حول القوانين ومدى حفاظها على روح المنافسة وحماية الحكام أوضح الدولي السابق جمال الشريف قائلا:
قانون اللعبة يُركز على بعض القضايا، أولاً أن قوانين كره القدم وجدت للحفاظ على عدالة اللعبة وهي قاعدة أساسية لجماليتها وهي سمة جوهريه لروحها، وافضل المباريات تلك التي نادرا ما يكون فيها حاجه للحكم، حيث يحترم اللاعبون بعضهم بعضاً، كما يحترمون الحكام، والقوانين التي تؤكد دائما حمايه واحترام ونزاهة القوانين والحكام التي تطبق تلك القوانين وبالتالي يجب أن يكون أصحاب السلطة ولاسيما المدربين وقائدي الفريقين عليهم مسؤوليه واضحة تجاه اللعبة والحكام واحترام قرارتهم، هذا موضوع مهم جدا.
هنا التركيز على مفاصل اللعبة الذين عليهم واجبات كثيرة لضمان الحفاظ على الحكام وعدالة اللعب واحترام المنافسين وله أهمية بالغة، ومن هذه النقاط التي يجب أن تكون ثقافة راسخة، واختراقها بأي شكل تنطلق منها شرارة الشغب وتنتقل من الميدان الى المدرجات والى الجمهور المنافس.
مسؤولية الحكام
وعن المسؤولية الملقاة على عاتق الحكام أجاب الشريف بقوله: على الحكام العديد من الواجبات ومنها الحفاظ على عدالة اللعبة من خلال تطبيق القوانين بشكل عادل على الفريقين المتباريين في اطار من الرغبة لحمايه واحترام نزاهة القوانين التي تطبق، إضافة لسعي الحكام على سلامة اللاعبين والسلامة العامة أيضا.
وهنا تبرز الأخطاء، باعتبار أن التحكيم عمل بشري وتقديري قد يكون هناك بعض الأخطاء، ومنها مؤثرة، وهذا شق آخر، يحتاج الى معالجه من قبل المختصين أو من يدير الشأن التحكيمي من خلال البحث وتحليل الأداء التحكيمي ومعرفة مكامن الأخطاء وأسبابها ومعالجتها بشكل علمي ومهني.
والمعالجة ليست مسؤولية اللاعب ولا مدرب ولا الإداري ولا الجمهور، الكل يجب أن يعرف حدوده ولا يتعدى على حدود الآخرين.
وتابع الشريف قائلا: على الحكام أن يتمتعوا بالنزاهة والعدالة والجرأة في تطبيق قوانين اللعبة، لدينا نحن مقوله بسيطة هي تعتبر من حالة السلوك غير الرياضي وهي الاعتراض على الحكم بالقول أو الفعل، هذه الجملة المؤلفة من اربع وخمس كلمات فقط ترجمها الاتحاد الإنجليزي قبل ستة مواسم الى صفحه ونصف لتوصيف الحالة بدقة، وكيف تكون عمليه الاعتراض على الحكم، على سبيل المثال لاعب غير متواجد في مكان الحدث تحرك من مسافه بعيده ليقوم بالاعتراض أو حتى ولو لم يعترض مجرد هذا الفعل يعبر عن سلوك للاعتراض أو الامتعاض من الحكم، هذا الفعل يعتبر شرارة تنتقل الى الجمهور ويعتبر اعتراض ويستحق الإنذار، ولذلك فقط يحق لكابتن الفريق أن يتحدث مع الحكم حتى لا تكون هناك عمليه مواجهه بين الحكم واللاعبين لتوضيح القرار بين الطرفين والحد من عملية الاعتراض.
الحفاظ على ذائقة الحضور
يسوق الخبير التحكيمي مثالا فيقول: الاتحاد الإنجليزي يوضح سبب التشديد على حالات الاعتراض كونه يوجد في الملعب مجموعه من الشباب اليافعين والأطفال في الملعب ويجب ألا تنتقل ثقافه الاعتراض على الحكم الذي يعتبر قاضي في الميدان ولايصح الاعتراض سلوك ينتقل الى الفئه الشابة، وبالتالي هذا النوع من التصرفات من قبل لاعبين مرفوض تماما ويجب أن يعامل بحزم وهذا يندرج على المدربين والإداريين وهو ذو أهميه بالغه، وهنا مسؤولية الحكام كبيرة في التعامل بجدية وصرامة وحزم مع الحالات دون تهاون.
ضرورة تشديد العقوبات
ماهي مسؤولية الاتحادات، يجيب الشريف بقوله: مسؤولية الاتحادات الأهلية التي يجب أن تضع لوائح وعقوبات صارمة بحق اللاعبين الذين يقومون بالاعتداء على الحكم لفظيا أو جسديا، حتى تكون رادعه لبقية اللاعبين، دعني أسوق مثالا من الواقع السوري حيث يحول الاتحاد عقوبة الاعتداء على الحكم إلى غرامة مالية، وبالمثل العالمي “اللي تعرف ديته اقتلوا” وتكون القصة سهلة جدا، وقلت لهم يجب أن تكون العفوية قاسية وحرمان من يعتدي على الحكم لا يحق له أن يكون متواجد في منافسه رياضيه ، في فتره الثمانينات كان هناك عقوبات صارمه جدا تجاه عمليه الاعتداء حتى التي تصدر عن الجمهور كما ذكرت سابقا لأنه أي إشارة تبدا من اللاعبين وخاصه النجوم وبالتالي عندما يتم التطاول على الحكم والإساءة إليه ها سينقل الشرارة مباشرة إلى الجمهور الذي يرتبط عاطفيا مع لاعبيهم، هنا تدخل حينها الاتحاد السوري وقال: بان الشتم الجماعي من قبل الجمهور يجب أن يتم التعامل معه بحزم وإنذار الجمهور من خلال رئيس الفريق الى الجمهور وعمليه تكرار الخطأ سوف توقف المباراة وسيخسر الفريق وتنقل مبارياته ويؤدي التكرار أيضا إلى حذف من مجموع نقاطه، هذا ليس تحدي للأندية ولارغبة في عقوبتها، بل وضع حدود لذلك من مبدأ تربوي أن هناك منافسة رياضية شريفة والحكم مسؤول عن تطبيق القوانين بنزاهة، واذا فشل أو أخطأ هناك جهة تحاسبه، وليس من خلال تدخل اللاعبين أو شغب الجمهور بالشتائم أو رمي الحجارة.
ما يوجع الأندية والجمهور ويجعلها ترتدع على القيام بمثل هذه الاعتداءات هو العقوبات الصارمة والواضحة والتي تطبق على الجميع دون استثناء حتى نحافظ على جمالية اللعبة وإلا سوف ينتقل الشغب للمدرجات ومن ثم للشوارع وربما تصبح مشكلة على مستوى البلد.
كيف يتم الردع…؟
وعن أهم الخطوات التي يجب أتباعها من منطلق خبرته في الملاعب أجاب الدولي السابق جمال الشريف موضحا: يجب التعامل مع تصرفات اللاعبين بحزم وتطبيق القوانين على المعتدين لفظيا أو جسديا بالإنذار أو الطرد، وان تكون هناك لائحة عقوبات رادعة تحول بين قيام اللاعبين بمثل هذه التصرفات الرعناء.
واذا انتقلت إلى الإداريين أو الجهاز الفني أن يكون للحكم موقف منها ضمن القانون ويكتبها في تقريره كي تكون هناك عقوبة أكبر من قبل اتحاد اللعبة.
وبالنسبة للجمهور ألا يكون هناك تهاون مطلقا والتعامل السليم من خلال الإنذار وتطبيق اللوائح، كما ذكرت في فقرة سابقة، فالمنافسة الرياضية ليست مكانا للشتائم ولا للانتقام والتحديات وهذا شيء مهم لتنمية جيل واعي ومثقف والحفاظ على أذواق من يتابع المباريات ولا نشوه صورة المنافسات من قبل ثلة غير منضبطة.
وعلى المقلب الآخر بما يهم الحكام أيضا يجب تطبيق القوانين بحال الأخطاء ومعاقبتهم من قبل الاتحادات التي تشرف على هذه المسابقات والحث على تأهيلهم وصقلهم بشكل أوسع كي يتفادوا أي خطأ في الملعب.
ماذا عن “الفار”…؟
وسئلت الشريف عن دور التقنية الحديثة “الفار” في التخفيف من حالات الاعتراض على الحكام وتقليل الأخطاء فقال: قد يخفف من بعض الأخطاء التحكيمية التقديرية التي يرتكبها الحكام، ولكن لم يلغها نهائياً.
وهذا سوف يساعد بالتأكيد في تخفيف حالات الانفعال والاعتراض ويجعل المتنافسين أكثر قناعة بالقرارات المتخذة، وأصبح سقف العدالة مرتفعا بد استخدام هذه التقنية ولكن بعض الدول لا يستخدم الفار، وبالتالي أصبح مطلوب من الحكام مجهود أكثر وأداء أعلى وتركيز مرتفع
ورغبه شديده في تطبيق القوانين بنزاهة، وعلى الجميع أن يقدر ويحترم قرارات الحكام حتى لو هناك بعض الأخطاء التي يمكن أن تعالج من قبل المسؤولين عن الحكام ومعالجتها بالطريقة الصحيحة.
بيننا وبينهم
لماذا لا نجد كثير من الاعتراضات على قرارات التحكيم أو حالات اعتداء في أوروبا كما في ملاعب العرب، أجاب الشريف قائلاً: هناك أسباب مختلفة، منها هناك تطبيق صارم وعادل للقوانين العامة ما معناه أن المجتمعات قائمة على القانون الذي يطبق على الجميع بعدالة وحزم، وبالتالي أوروبا لديها ثقافه احترام القوانين هذا شيء غايه في الأهمية كثقافة مجتمع لها تأثير على سلوك الناس عامه في كل مرافق الحياة وجوانبها وتنتقل معهم الى الملعب منذ الدخول الى الملعب وأخذ المكان المناسب لتامين احتياجاتهم الإنسانية للجمهور بشكل لائق يحترم كرامته، كل هذه القضايا مجتمعه تلقي بظلالها الإيجابية وتمنع أي شخص من القيام بتجاوز الأنظمة والقوانين العامة المطبقة، وهناك ثقافة لدى اللاعبين والمدربين والإداريين باحترام عمل الحكام وقراراتهم وهذا يساهم بشكل كبير بنزع حالة الشغب، كما هناك قوانين واضحة بالتعامل بحزم وعدالة مع أي حاله تجاوز للقوانين العامة أو المسابقات الرياضية، وبالتالي تطبق تلك العقوبات على كل مخالف، وبالتالي أصبحت هناك قناعه بأن هذه منافسة رياضية ليست حرب فيها أخطاء من اللاعبين والحكام وقد يحصل في جميع المباريات وهو مهيأ بشكل مسبق على أن يتقبل هذا النوع من الأخطاء البشرية الإنسانية وليس هناك اتهام للحكام أو الآخرين بعدم النزاهة أو اتهامات بالفساد وغيرها والكل يعرف حدوده وكل كلمة عليها محاسبة، وكل شخص عليه حقوق وواجبات ويجب أن يلتزم بها بشكل كامل وأن لا يتعدى حدوده مهما لاعب مهم أو مدرب مشهور الجميع تحت سقف القانون وهذا يجب تكريسه عربا في مجتمعاتنا وملاعبنا بقوانين واضحة وتطبيقها بشكل رادع.
عود على بدء
المسؤولية هي مسؤوليه مشتركة يتحملها كل الأطراف أولها الاتحادات الوطنية بوضع قواعد وقوانين انضباط تضبط المنافسة الرياضية وتمنع أي تجاوزات من البعض بعقوبات مغلظة حتى نستطيع أن السيطرة على الملاعب وبالتالي نحقق الأهداف الأساسية من المنافسة الرياضية وتضفي مزيد من المتعة للمتابعين والمشاهدين.
هناك مسؤولية على الإداريين والفنيين واللاعبين بشكل أكبر كونهم على تماس مباشر مع الجماهير ويجب أن تكون لديهم ثقافة واسعة ترسخ في أذهانهم لاحترام الحكام كونهم الجزء المهم من اللعبة.
ومسؤولية الجمهور أن يكون من منضبط ولا تخرج انفعالاته وتتعدى الحدود المسموح فيها وبالتالي تصبح بعد ذلك نوع من الشغب أو الاعتداء على الممتلكات العامة أو الفرق المنافسة أو الحكام ويجب أن يكون هناك ضوابط للجم بعض الحالات التي تظهر من الجمهور والتعامل معها بحزم.
المسؤولية الأخرى تقع على رجال الأمن الذين يجب أن يكونوا متخصصين بالتعامل مع جمهور كبير بطريقه حضارية تحترم المتفرجين ولا تتعدى على حقوقهم وتتعامل معهم بشكل إنساني طبعاً، وبشكل حازم عندما يتجاوز هؤلاء القوانين ويصبح الانفعال نوع من الشغب، وأحيانا يكون رجال الأمن سبباً بالشغب نتيجة عدم المهنية بالتعامل مع الحالات التي تحدث، والتعامل بقسوة وعنف مع بعضها مما يفاقم المشكلة وتصبح القضية خارج اطار السيطرة، ويجب الحرص على انتقاء المتخصصين والمؤهلين منهم بمراقبة الملاعب.
كما على الاتحادات مسؤولية كبرة في وضع الضوابط التي تحد من هذه التصرفات وتطبيقها بشكل عادل على الجميع.
دور الإعلام
وختم الشريف حواره في الإشارة على أهمية ودور الإعلام في هذه المسألة بقوله:
الإعلام مهما كان موقفه له دور حيوي وتثقيفي وتوجيهي وتوعية الجماهير والتركيز على الجوانب الأخلاقية في المنافسات الرياضية حتى وان كان يمثل جهة أو نادي عليه أن يكون في جوار المصلحة العامة من اجل تعزيز القيم الأخلاقية على مستوى عدم العبث بروح المنافسة أو السلم الأهلي دون تردد والإشارة الى أي تصرف غير أخلاقي تجاه المنافسات الرياضية حتى لوكان على فريقه، لأن هذا يشكل تحديا شريفا كي لا يتم تعزيز السلوك السلبي في الملاعب، والمنافسات تقوم على احترام الفريق الخصم والحكم والجماهير بين بعضها البعض، وهذا دور الإعلام في نشر هذه الثقافة المهمة وتفكيك حالات الانفعال والغضب عن طريق التحليل الهادئ والمنطقي.