الاتحاد الرياضي العام منظمة غير شرعية ومخالفة للميثاق الأولمبي
مستقبل الرياضة مرهون بإعادة هيكلة الرياضة واختيار الكفاءات
حاوره – علاء ادين قريعة
يأمل السوريون بعد ماحصل في سوريا من تحولات جذرية أن يكون للرياضة دور حيوي في مستقبل البلاد وتصبح رافدا للاقتصاد ووجه يعكس حضارة البلد وعراقته، بعد أن كانت منهوبة وينخر الفساد مفاصلها، وخصوصا في العقدين الماضيين حيث تحولت في غالبها إلى مزارع حاصة للمستفيدين فقط.
ثمة العديد من التساؤلات المشروعة التي تتمحور حول الواقع الراهن للاتحادات والأندية الرياضية والمنشآت وكيفية إدارتها وكيف ستكون سلطة القرار في المؤسسة الرياضية الأعلى في البلاد مع تولي السيد محمد الحامض رئاستها.
استضفنا د. معتصم غوتوق الذي شغل عدة مناصب قيادية في الرياضة السورية لقراءة المشهد الرياضي والإجابة على تساؤلاتنا.
كيف تنظر إلى الوضع الرياضي الراهن؟
قبل أن نتحدث عن المرحلة القادمة لابد من الإشارة إلى أن المؤسسات الرياضية في سوريا منهارة، وتتطلب إعادة بناء من القاعدة إلى قمة الهرم، والمطلوب في المرحلة الأولى تقييم الوضع الحالي ومدى الضرر الذي لحق بها من كافة الجوانب التنظيمية والإدارية والمالية والفنية والبنى التحتية من منشآت ومرافق وموارد بشرية.
والمرحلة الثانية تتطلب سرعة إصدار مرسوم تشريعي ونظام داخلي جديد ولوائح تنظيمية وإدارية ومالية وفنية تنظم العلاقة مابين الجهة الحكومية “وزارة الرياضة” واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والأندية بما يتوافق مع الأنظمة واللوائح والقوانين الدولية وإيضاح مهام وسلطة كل مؤسسة حسب اختصاصها.
ويتم إتباع ذلك بخطة المرحلة الثالثة لإعادة بناء وهيكلة المؤسسات الرياضية بما يتوافق مع المرسوم التشريعي الجديد والنظام الداخلي واللوائح التنظيمية وتحديد الملاك والتوصيف الوظيفي لكل وظيفة.
ما رأيك في قرار عزل القيادة الرياضية السابقة؟
منظومة الاتحاد الرياضي بالأساس غير شرعية كونها تتبع تنظيميا لحزب سياسي (حزب البعث)، وهذا مخالف للميثاق الأولمبي واللوائح الدولية التي تحظر تسييس الرياضة، ما أدى إلى انحراف الرياضة عن مسارها من حيث الأولويات بحيث أصبحت المؤسسات الرياضية مطالبة بتحقيق الأهداف السياسية من خلال الرياضة.
ماذا حدث للرياضة السورية طوال العقود الماضية؟
تكليف قيادات لا تملك الكفاءة وفاقدة للرؤية وإلى استراتيجيات غير مدروسة وسياسات غير فاعلة وغياب رؤية وتخطيط علمي لتحقيق أهداف رياضة محددة، إضافة إلى سوء استخدام السلطة والفساد المالي والإداري بمختلف أشكاله وضعف الحوكمة والشفافية وعدم وجود نظام رقابي فعال يمنع الفساد وسوء الإدارة، وكذلك غياب المحاسبة من القيادات الأعلى التي تعتبر شريكة في الفساد، والقيادة التي تم عزلها مؤخرا غير مؤهلة أبدا لإدارة الرياضة وتم اختزال المؤسسات في شخص رئيس الاتحاد الذي يفتقر إلى أبسط مقومات القيادة والإدارة والأهلية، وتم فرضه لاعتبارات معروفة عن طريق المتنفذين في الجهات الأمنية .
وكيف ترى المرحلة الجديدة بقيادة اللجنة التي تم تكليفها؟
تعتبر اللجنة جزء من حكومة تسيير الأعمال وهي لجنة مؤقتة والمطلوب منها حاليا “وأنا ناصح لها” إدارة الوقت بشكل صحيح وتشكيل فرق عمل بمختلف الاختصاصات، وتقييم الواقع الحالي وتقديم تقرير تفصيلي عن واقع الرياضة إضافة إلى مقترحات وتوصيات واضحة من كافة النواحي التشريعية والقانونية والتنظيمية والإدارية والفنية والبنى التحتية والموارد البشرية لإعادة بناء وهيكلة التنظيم الرياضي وذلك خلال ثلاثة أشهر من أجل إصدار المرسوم التشريعي والأنظمة واللوائح التي تعتبر الأساس لإعادة البناء .
كيف يمكن ترتيب الأولويات حاليا…؟
المهمة الأولى توفير بيئة آمنة نظيفة من الفساد بمعنى دراسة واقع الإدارات والملفات، وتكليف فرق عمل محايدة متخصصة في كل إدارة، وتحييد الإدارات الحالية، وإعداد خطط لإعادة بناء الرياضة على أسس صحيحة، وإدارة العمليات اليومية عبر ضمان استمرار الأنشطة الرياضية والإشراف على الموظفين والتأكد من انتظام العمل ومعالجة القضايا الإدارية والمالية العاجلة، وكذلك حصر الأصول والموارد وإعداد لوائح وسياسات جديدة، والتحضير للانتخابات أو التعيينات الجديدة ضمن خطة زمنية، بكل نزاهة وشفافية.
وهل تجد أن الإدارة الحالية مطالبة بتحقيق بعض الأهداف أم هي مرحلة تسيير أعمال فقط؟
بدون ادنى شك يجب العمل على استعادة الثقة، وتحقيق الاستقرار، وكذلك إرساء قواعد الحوكمة الرشيدة والتخطيط للمستقبل، وبشكل عام فإن اللجنة المؤقتة لتسيير الأعمال يجب أن تكون مؤهلة وحيادية وملتزمة بإصلاح المؤسسات الرياضية؛ دورها الأساسي هو ضمان الانتقال السلس نحو إدارة مستدامة وفعالة مع التركيز على تحقيق الاستقرار وبناء الثقة.
مستقبل الرياضة السورية هل يدعو للتفاؤل؟
هذا مرتبط ومرهون بالإجراءات الواجب اتخاذها في عملية إعادة هيكلة الرياضة، والمضي قدما بنفس الأنظمة والسياسات والحلول السطحية ودون الدخول بجذور مشاكل الرياضة من كافة الجوانب يؤدي إلى مزيد من التدهور والتخبط وضياع تحقيق الأهداف وهذا يتطلب وضع برامج زمنية في التخطيط الرياضي بعيدة ومتوسطة وقريبة المدى وتشمل كافة المؤسسات المعنية بالشأن الرياضي.
وما السبيل إلى ذلك؟
لابد من تحديد مهام كل جهة تتضمن إعادة بناء وتأهيل البنى التحتية في جميع المحافظات ، وإطلاق برامج رياضية وطنية تهدف إلى زيادة المشاركين في الأنشطة الرياضية وزيادة عدد المراكز الشبابية والرياضية وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لتوفير الدعم والتمويل إضافة إلى سياسات التطوير وتوفير بيئة تشغيلية لتطوير نظم دعم الرياضة وتعزيز الأداء الفردي والجماعي وتبني التكنولوجيا الحديثة في متابعة وتطوير أداء الرياضيين ودعم الاتحادات الرياضية وتحسين البنية التحتية الرياضية المتخصصة لكل لعبة رياضية وإعداد برامج مستدامة للرياضيين وتقديم الدعم الفني والإداري للأندية وتعزيز العلاقات مع المنظمات الدولية.
البعض بدأ ينادي بخصخصة الأندية، كيف تجد إمكانية تحقيق ذلك؟
أعتقد أن الخطوات الأولى يجب أن تكون بالتركيز على تحويل الأندية إلى مؤسسات رياضية ذات استدامة مالية وتبني معايير جودة الأداء بحيث يتطلب التخطيط الرياضي تعاونا مستداما بين جميع الجهات لتحقيق التنمية الرياضية الشاملة.
ويجب التركيز على العديد من النقاط الأساسية من أجل ضمان الوصول إلى رياضة معاصرة تواكب المعايير الدولية .
وماهي هذه النقاط؟
ماقلته سابقا، إضافة إلى أن إعادة بناء المؤسسات الرياضية بعد الأزمات يعد مشروعا طويل الأمد يتطلب رؤية شاملة وعمل جماعي احترافي من جميع الأطراف المعنية من خلال التركيز على النزاهة والتخطيط العلمي والحوكمة والتنمية المجتمعية والاستدامة وإعادة تأهيل البنية التحتية والتخطيط الاستراتيجي.
غابت الرياضة النوعية، والمواهب مالحل برأيك؟
لإعادة بناء رياضة الأداء العالي يركز على بناء رياضة تنافسية وإطلاق برامج لاكتشاف وتطوير المواهب في مختلف الألعاب وتطوير الرياضة الاحترافية ودعم الأندية والاتحادات لتصبح قادرة على التنافس محليا ودوليا .
و من هو الرجل الأنسب لقيادة الرياضة بحسب رأيك؟
الوزير أو رئيس المنظمة يجب أن يستوفي العديد من المعايير أهمها الشهادة العلمية التخصصية العليا، والخبرة العملية في المؤسسات الرياضية والحكومية يجب أن لاتقل عن 15 عاما، وتمتعه بالنزاهة الشخصية، والنضج القيادي، وأعتقد أن الاسم ليس مهما، بل الأهلية القيادية والكفاءة والنزاهة.
و من هم الذين يجب استبعادهم خلال المرحلة القادمة؟
بالدرجة الأولى كافة القيادات المكلفة بعد عام 2010 إضافة إلى كل مدان بالفساد الإداري والمالي وكافة مجالس إدارات الاتحادات والأندية الحالية إضافة إلى التحقيق مع رئيس الاتحاد الرياضي حول العديد من ملفات الفساد.
وأخيرا كيف تلخص المرحلة المقبلة؟
نجاح الإصلاح يتطلب رؤية شاملة وإرادة قوية لمعالجة الأسباب الحقيقية للمشكلات.. القشور قد تعطي نتائج مؤقتة لكن معالجة الجذور تضمن استقرار المؤسسات الرياضية على المدى الطويل.